تكشف استهانة كثير من الشباب بالصلاة، والانشغال عنها بمشكلات الحياة اليومية، أو مظاهر اللهو والعبث التي تحيط بنا في هذا العصر، عن ضعف الإيمان، وفقدان الوازع الديني، وسوء التربية منذ الصغر، ويشير د. نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء إلى العقوبة الشرعية لتارك الصلاة، فيقول: تارك الصلاة عقوبته شديدة وقاسية، وقد أفاض في شرحها وتوضيحها علماء الإسلام، فتارك الصلاة جحوداً ونكراناً لفرضيتها، واستهزاء بها، كافر والعياذ بالله، وتاركها كسلاً عاص معصية كبرى، ويجلب لنفسه غضب الله وعقابه، فلا شيء يعفي من الصلاة، وأي مبررات يسوقها الكسالى والمستهترون بهذه الفريضة التي هي عماد الدين، هي مبررات مرفوضة، وتؤكد ضعف إيمانهم، وفقدان بصيرتهم، وسوء تفكيرهم.
أم الفرائض
ويضيف: يجب على المسلمين جميعاً، والشباب منهم على وجه الخصوص، ألا يستهينوا بأمر الصلاة، فهي كما قال العلماء «الإناء» الذي توضع فيه البركة، وهي أم الفرائض، والله سبحانه وتعالى لن يقبل دعاء مسلم لا يؤدي الصلاة، ولن تتحقق للإنسان سعادة في الدنيا وهو جاحد لحق الله تعالى عليه، ولن يكتب للإنسان التوفيق في عمل وهو يستهين بأمر الصلاة.
وتربية الأبناء على احترام فرائض الإسلام والالتزام بها كما يقول د.واصل تجنبنا مثل هذه الأزمات والكوارث.والتربية الإسلامية الصحيحة كما يوضح د. واصل تبدأ من داخل الأسرة، ثم تكتمل الدائرة بما تغرسه المدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام المختلفة في نفوس الصغار من تربية دينية توضح لهم الأجر والثواب الذي ينتظر كل من يحرص على تعاليم وفرائض الإسلام، والعقاب الرادع الذي ينتظر الجاحدين والمهملين والمستهترين بهذه الفرائض والعبادات.
شأن عظيم
الداعية الشهير، وأستاذ الثقافة الإسلامية د.سالم عبد الجليل يقول: الصلاة في شريعتنا الإسلامية لها شأن كبير ولها مزاياها الخاصة وأهدافها النفسية والاجتماعية والأخلاقية، وتأثيراتها الإيجابية في حياة الإنسان الحريص عليها، والسلبية في حياة من يهملها ويتقاعس عن أدائها، لذلك تكرر لفظ «الصلاة» في القرآن الكريم في سبعة وستين موضعاً.. كما تكرر ما اشتق من هذا اللفظ كصلى، وصلوا، ويصلي، ويصلون، في أكثر من ثلاثين موضعاً.
والصلاة من العبادات التي أمر الله تعالى رسله بأن يحافظوا عليها، هم وأتباعهم. فأبو الأنبياء إبراهيم، عليه السلام، دعا ربه قائلاً: «ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء»، ونبي الله إسماعيل مدحه ربه عز وجل، لأنه كان يأمر أسرته بأداء الصلاة، وبإيتاء الزكاة «واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا».. وهذا عيسى عليه السلام يخبر قومه بأن ربه أوصاه بالمواظبة على الصلاة: «وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا»، ولقمان الذي آتاه الله الحكمة يجعل من وصاياه لابنه إقامة الصلاة فيقول: «يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور».
وقد أمر الله سبحانه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالصلاة وبالصبر على أدائها، فقال تعالى: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى».
وفي موضع آخر من القرآن الكريم يبين لنا الحق سبحانه وتعالى أن المداومة على الصلاة تؤدي إلى إزالة السيئات، وإلى اجتناب المنكرات، قال عز وجل: «وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين».. وقال سبحانه «اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر».
نهر طهارة ونقاء
وإلى جانب ما ورد في القرآن من نصوص كثيرة تحض على الصلاة، وتحذر من التكاسل عنها، جاءت السنة النبوية الشريفة تعضد ما جاء به القرآن بشأن الصلاة، فقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً عن فضائل هذه العبادة، وحثنا على المداومة عليها، وعلى الخشوع فيها، وعلى أدائها بالطريقة التي حددها لنا، وحث كل المسلمين على الإقبال عليها، ومحبتها، وعشقها، والسكون إليها، وحذر من الغفلة عنها، أو التقصير فيها. فهي مثل النهر الذي يغتسل فيه المسلم، والمسلمة، خمس مرات في اليوم الواحد، فيصبح كل واحد منهما في أسمى ألوان الطهارة والنقاء. يقول عليه الصلاة والسلام: «أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمساً هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء..
قال صلى الله عليه وسلم: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا».
يقول د.عبد الجليل: الرسول صلوات الله وسلامه عليه، يضرب في الحديث النبوي الشريف مثلاً يبين فيه أن المحافظة على الصلوات مزيلة للذنوب، ومثلها كمثل من يغتسل كل يوم خمس مرات من الماء القريب الطهور الذي يزيل كل درن وقذر، ويبين لنا، صلوات الله وسلامه عليه، أن هذه الصلوات هي كفارة لما بينها.
0 تعليق
اتبع التعليمات لاضافة تعليق