قال الأمير يزيد بن المهلب مخاطباً محمداً بن واسع الأزدي: يا أبا عبد الله، إن جند المسلمين ظفروا بهذا التاج الثمين وقد رأيت أن أوثرك به فطابت نفوس الجند بذلك، فقال: تجعله من نصيبي أنا أيها الأمير؟ قال: نعم من نصيبك أنت، فقال: لا حاجة لي به أيها الأمير، فقال: أقسمت عليك بالله لتأخذنه، فلما وقع قسم الأمير أخذ ابن واسع التاج ثم انصرف، فأمر يزيد غلاماً بأن يتبعه وأن ينظر ماذا يصنع بالتاج.
مضى محمد بن واسع والتاج في يده فعرض له رجل أشعث أغبر زري الهيئة فسأله قائلاً: من مال الله، فنظر الشيخ عن يمينه وعن شماله، ومن خلفه، فلما استيقن أن أحداً لا يراه دفع بالتاج إلى السائل، ثم انطلق فرحاً كأنما ألقى عن كاهله عبئاً كان يثقل ظهره، فأمسك الغلام بيد السائل وأتى به الأمير، وقص عليه خبره، فأخذ الأمير التاج من السائل، وعوض عليه بمال وفير، ثم التفت إلى الجند، وقال: أما قلت لكم إنه ما زال في أمة محمد عليه الصلاة والسلام من يزهد بهذا التاج وأمثال أمثاله.
من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا
0 تعليق
اتبع التعليمات لاضافة تعليق