يقول زياد بن ميسرة: أرسلني مولاي «عبدالله بن عياش» من المدينة إلى «دمشق» للقاء أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز في حوائج له، وكانت بيني وبين عمر صلة قديمة ترجع إلى عهد ولايته على المدينة، فدخلت عليه، فلما صرت في عتبة الحجرة، قلت: السلام عليكم، فقال: وعليكم السلام ورحمة الله يا زياد.
ثم مضيت نحوه خجلاً، لأني لم أسلم عليه بإمرة المؤمنين، فلما انتهيت إليه قلت: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، فقال: يا زياد، إننا لم ننكر عليك السلام الأول، فما الحاجة إلى الثاني؟
وكان كاتبه إذ ذاك يقرأ عليه مظالم جاءته من «البصرة»، فقال لي: اجلس يا زياد حتى نفرغ لك، فجلست والكاتب يقرأ عليه، وعمر يتنفس الصعداء من الهم، فلما فرغ كاتبه من قراءة الرقاع، وانطلق إلى شأنه، قام عمر ومشى إليّ حتى جلس بين يدي عند الباب، ووضع يديه على ركبتي، ثم قال: هنيئاً لك يا زياد، لقد استدفأت بمدرعتك، واسترحت مما نحن فيه، وكانت عليَّ مدرعة صوف، ثم طفق يسألني عن صلحاء أهل المدينة: رجالهم، ونسائهم واحداً واحداً، فما ترك منهم أحداً إلا سألني عنه.
من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا
0 تعليق
اتبع التعليمات لاضافة تعليق