الجمعة، 10 يناير 2020

اتقوا يوما

عش الزوجية.. إذا سكنه الحرام هجرته السكينة

اتقوا يوما بتاريخ عدد التعليقات : 0


يبحث كل من الزوجين عن حياة زوجية سعيدة ومستقرة، ويتخيل كثير من الأزواج والزوجات أن الحياة السعيدة قد يوفرها المسكن المريح والسيارة الحديثة والراتب أو الدخل المادي الجيد.. ثم يفاجأ كل منهما بعد التجربة العملية في بيت الزوجية أن السعادة والاستقرار النفسي لا يزالان بعيدين عن عش الزوجية، فيبحثان عن الأسباب ولا يجدانها.
ثلاثة من علماء الإسلام عندهم الإجابة؛ حيث يؤكدون أن افتقار بيت الزوجية إلى «السلوك الحلال» هو السبب في غياب السعادة الزوجية؛ حيث لا يمكن أن تستقر علاقة أرادها الخالق «مودة ورحمة» بين زوجين يدمنان المعاصي ويفعلان المنكرات، ولا يمكن أن تتحقق سعادة زوجية في ظل غياب للحقوق المتبادلة بين الزوجين، ولا يمكن أن يستقر بيت تغيب عنه آداب وأخلاقيات التعامل الراقي بين الزوجين في كل أمور حياتهما الخاصة والعامة، وفيما يلي خلاصة ما قالوه:
النصيحة الأولى لكل زوجين ينشدان السعادة والاستقرار، ويتطلعان إلى عش زوجي تظلله المودة والرحمة، تأتي من د. مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالأزهر؛ حيث توصي كل زوجين بالالتزام بالحلال، وتجنب كل ما هو محرم أو غير أخلاقي من السلوك والطعام والشراب والمعاملات، وتقول: كل ما هو مباح أو مشروع يبارك الله فيه، وكلما التزمت الأسرة بحدود الحلال والحرام استقرت حياتها ونعمت بالاستقرار والأمان؛ حيث نظم الإسلام العلاقة بين الطرفين تنظيماً دقيقاً، وقرر لكل طرف منهما حقوقه وواجباته تجاه الآخر.

تجنب الشبهات

وأدب العلاقة الزوجية يفرض على الزوجة - كما توضح د. مهجة - أن تبتعد عن كل الشبهات التي تسيء إليها أو إلى زوجها؛ ولذلك حرم عليها الإسلام أن تدخل أحداً بيتها في غياب زوجها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته الشهيرة في حجة الوداع: «أيها الناس، إن لكم على نساؤكم حقاً ولهن عليكم حقاً.. فحقكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهونه، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهونه»؛ وذلك لأن الزوجة التي تأذن لرجل بالدخول إلى بيت زوجها من دون إذنه، تكون خائنة للحياة الزوجية، وغير أمينة على سمعة زوجها.. والزوجة الفاضلة التي يحترمها الجميع هي التي تحافظ على كرامة زوجها، فلا تسمح بدخول بيته إلا لمن يأذن لهم الزوج بالدخول في غيبته كالمحارم، ممن يكون بينها وبين زوجها اتفاق على دخولهم.
أيضاً يجب على الزوجة الحريصة على حياة السعادة والاستقرار أن تحافظ على أموال زوجها، فلا تمتد يدها إلى شيء منها من دون إذنه، ولا تتصرف في شيء منها إلا بإذنه.. وقد أباح بعض الفقهاء للزوجة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها هي وأولادها في حدود الضرورة والاعتدال، إذا كان زوجها مقتراً ولا يعطيها ما هو من حقها أو حق أطفالها.. وهذا ما حدث مع امرأة أبي سفيان التي قالت للرسول صلى الله عليه وسلم : «يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ولا يعطينا ما يكفينا».. فقال لها: «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف».
لكن هذا التصريح ليس مفتوحاً لكل زوجة مسرفة تتعامل مع أموال زوجها بعبث واستهتار وعدم تقدير للمسؤولية؛ ولذلك قال الفقهاء: إن الزوجة التي تهدر مال زوجها أو تأخذ منه من دون إذنه مع أنه ينفق عليها النفقة الواجبة، ترتكب محرماً يجب أن تكف عنه.. وأيضاً الزوج الذي يبخل على زوجته وأولاده بالنفقة الواجبة مع يساره وقدرته المادية يرتكب محرماً، وينبغي أن يقلع عن هذا البخل الذي يجلب عليه غضب الله وعقابه.

فتنة الفقر

د. سيف قزامل، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، يضم صوته إلى صوت د. مهجة، ويطالب كل زوجين بتجنب كل ما يغضب الله عز وجل داخل بيت الزوجية حتى ينعما بالأمان والاستقرار والبركة، مؤكداً أن كثرة المعاصي تجلب الفقر، ولن تشهد بيوت سعادة حقيقية وهي تشعر بالعوز والحاجة.. ويقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أخبرنا أن المعاصي تجلب الفقر وتطرد البركة من البيوت، ولذلك استعاذ صلى الله عليه وسلم من فتنة الفقر، وقال: «وأعوذ بك من فتنة الفقر»، وفي رواية أخرى «وأعوذ بك من شر فتنة الفقر» والسر هنا أن عدالة السماء رتبت على الطاعات جزاءات حسنة، وعلى المعاصي عقوبات عديدة؛ ومنها الفقر؛ وذلك بإحلال الفقر محل الغنى والميسرة أو استمرار الفقر واشتداد بؤسه وحدته لمن يرتكب المعاصي. والنصوص الدينية في ذلك كثيرة وتكاد تشمل كل أنواع المعاصي عقيدية ومالية واجتماعية واقتصادية؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه».. وهذا يعني أن الذنوب على إطلاقها تحرم العبد من الرزق، كما جاء في الحديث الشريف، كما أن عدم الالتزام بما أمر سبحانه به، وفعل ما نهى عنه؛ عاقبته ضنك المعيشة بالفقر والعوز والاحتياج، كما جاء في قوله تعالى: «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى».. وأيضاً الإنفاق على المحرمات يؤدي إلى الفقر؛ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من بذَر أفقره الله» وخيانة الأمانة بين كل من الزوجين تجلب لهما الفقر، والرسول عليه الصلاة والسلام، يقول: «الأمانة تجلب الرزق والخيانة تجلب الفقر».
كما أن منع الزكاة من المعاصي التي تجلب الفقر بإتلاف مال الممتنع، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة».
ويخلص د. قزامل من هذه الإشارات إلى أن عدم الالتزام بمعايير الحلال والحرام والتمادي في ارتكاب المحرمات يؤدي إلى طرد بركة الاستقرار من بيوتنا، وهذا ما يغفل عنه كثير من الناس.
من أجل ذلك يطالب أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر بضرورة أن يحرص كل من الزوجين على السلوكات المباحة في علاقتهما الخاصة، فهذا من الأدب الإسلامي الذي حرص عليه الإسلام، حماية للطرفين من الأمراض الخطرة؛ حيث لم يحرم الإسلام سلوكاً إلا وكان فيه ضرر بالإنسان.

أسلوب أخلاقي

ويلتقط د. صبري عبد الرؤوف، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، خيط الحديث من د. قزامل، ليؤكد أن العلاقة بين الرجل وزوجته ينبغي أن تكون في إطار شرعي، وأن يلتزم كل طرف منهما بحدود الشرع، فلا يرتكب سلوكاً محرماً ولا يصدر منه تصرف تجاه الآخر يدخل في دائرة الحرام أو المحظور شرعاً.. ويقول: كلما التزم كل من الزوجين بحدود الحلال والحرام استقرت حياتهما الزوجية ونعما بالاستقرار؛ حيث نظم الإسلام العلاقة بين الطرفين تنظيماً دقيقاً حتى في الأمور الخاصة، وقرر لكل طرف منهما حقوقه وواجباته تجاه الآخر.
وعن حدود الاستمتاع الجسدي المباح بين الزوجين، يقول د. عبد الرؤوف: هذا الأمر من أهم الأمور التي يجب أن يحرص فيها الطرفان على الآداب والأخلاق الإسلامية، فالله سبحانه وتعالى رسم طريقاً وخط أسلوباً أخلاقياً للاستمتاع النظيف بين الزوجين والخروج على آداب وأخلاقيات الإسلام في هذا الأمر يؤدي إلى مشكلات وأزمات كثيرة بين الزوجين وساحات المحاكم مملوءة بملفات طلاق؛ بسبب سوء سلوك الزوج.

قربة إلى الله

ويضيف: الله سبحانه وتعالى أباح الزواج وشرع العلاقة الزوجية؛ ليجد كل من الرجل والمرأة ما يرضي رغباته بالطريق المشروع، وقد سما الإسلام بالغريزة الجنسية وجعلها لوناً من ألوان القربات إلى الله عز وجل.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة» فقال الصحابة: «يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم قال فكذلك إن وضعها في حلال كان له أجر». وهذا معناه أن الإسلام يرغب كلاً من الزوجين في تحقيق الرغبات؛ لأنها قربة من القربات إلى الله عز وجل ؛ بسبب ما تحققه من عفة وحصانة للمجتمع من أي انحراف، ولهذا قال الله تعالى: «نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم»، وهذا ليس معناه أن يفعل الرجل بزوجته ما يشاء من السلوكات القبيحة.. والمعنى الصحيح لقوله سبحانه «أنى شئتم» أي كيفما حقق الأمر راحتكم النفسية، وحقق الاستمتاع المطلوب للطرفين من دون ارتكاب سلوك محرم.


no image
تقييمات المشاركة : عش الزوجية.. إذا سكنه الحرام هجرته السكينة 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

اتبع التعليمات لاضافة تعليق
  • يرجى ترك تعليق على الموضوع. سيتم حذف التعليقات التي تتضمن روابط مباشرة، والإعلانات، أو ما شابه ذلك.
  • لإضافة كود ضعه في : هنا الكود
  • لإضافة كود طويل ضعه في : هنا الكود
  • لإضافة اقتباس ضعه في : اكتب هنا
  • لإضافة صورة ضعها في : رابط الصورة هنا
  • لإضافة فيديو استعمل : [iframe] هنا رابط تضمين الفيديو [/iframe]
  • * قبل ادخال كود عليك بتحويله أولا
  • شكرا لك