تتعدد صور العدوان على الحيوانات في بلادنا العربية في ظل غياب تربية دينية وأخلاقية تحترم حقوق الحيوان وتغرس الرفق به في نفوس الصغار، وهو سلوك حضاري، حثت عليه شريعة الإسلام التي جاءت تعاليمها وأحكامها رحمة بالإنسان والحيوان.
يؤكد د. محمد المهدي أستاذ الطب النفسي أن ديننا العظيم يكفل للحيوان كل حقوقه ويفرض علينا أن نتعامل معه برفق ورحمة، ليس من أجل أن يتحدث الآخرون عن إنسانيتنا ورقينا وتحضرنا، ولكن لأن الدين الذي ندين به هو الذي يفرض علينا ذلك، والرسول الكريم الذي بعثه الله معلماً ومربياً لأمته هو الذي علمنا كيف نحرص على حقوق الحيوان ونتعامل معه برقي وتحضّر، الأمر الذي يجلب لنا عظيم الأجر والثواب، وينجينا من عقاب الخالق الرحيم بكل خلقه.
تربية خاطئة
ويوضح د. المهدي ضرورة تربية صغارنا على الرحمة بالحيوان وليس القسوة عليه، وضرورة تغيير ثقافتنا في التعامل مع الحيوان، حيث تتعرض معظم حيواناتنا للامتهان على أيدي الكبار والصغار، في كل مكان من عالمنا العربي والإسلامي نتيجة الجهل بما جاء به الإسلام وخاصة من جانب البسطاء الذين يستخدمون الحيوانات ويتعاملون معها بكثرة، وما نشاهده من قسوة البعض في التعامل مع الحيوان يومياً يؤكد أننا لم نتربّ على ثقافة الرفق به والتعامل الرحيم معه، ولم نقف على تعاليم ديننا في هذا الأمر، ففي شوارعنا نصدم بتصرفات مرفوضة من أشخاص راشدين يقسون على الحيوانات التي تقضي لهم مصالحهم وتوفر لهم مصدر رزقهم، وفي حقولنا ومزارعنا حيوانات تهان وتهدر حقوقها على أيدي بسطاء لا يدركون أن الخالق الرحيم بكل خلقه سوف يعاقبهم عقاباً شديداً على ذلك، وفي مجازرنا أشخاص متحجرو القلوب يتعاملون مع الحيوان بقسوة عند ذبحه، وفي بيوتنا أطفال لا يحسن آباؤهم تربيتهم على تعاليم وأخلاقيات الإسلام، حيث يلهون بالحيوانات ويعبثون بما ضعف منها، وكل هذه الصور المرفوضة والمدانة تأتي نتيجة تربية خاطئة من أشخاص يحتاجون إلى إعادة تأهيل نفسي وتربوي وديني.
صور مؤسفة
وتقول الداعية د. آمنة نصير: إن شيوع السلوك القاسي والعدواني على الحيوانات بكل أشكالها في بلادنا العربية، خاصة من العامة والبسطاء «إلا من رحم ربي» يكشف عن تربية غير سوية بل وخاطئة في التعامل مع الحيوانات، حيث نشاهد كل يوم صوراً مؤسفة للعنف والقسوة ضد الحيوانات في الشوارع والحقول وكل مكان نذهب إليه، وهذه الصور ينبغي أن تختفي عن حياتنا لأنها مسيئة لنا كأشخاص، فالرقي في التعامل مع الحيوان سلوك حضاري نثمنه دائماً للغربيين الذين ننبهر بحضارتهم ورقيهم، مع أن ديننا ربانا على هذه القيم وغرس فينا كل سلوك إنساني وحضاري في التعامل مع الحيوان، ويكفي هنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها».
وتؤكد د. آمنة أن القسوة على الحيوان لا تصدر إلا من إنسان قاسي القلب منحرف المزاج مجرد من كل مشاعر الإنسانية، فهو يتعامل مع حيوان ضعيف غير مؤذٍ له بقلب جاحد، وهذا السلوك كفيل بجلب غضب الله وعقابه له.
وتشير الداعية الأزهرية إلى أن هذا السلوك العنيف مع الحيوان يجسد ثقافة غير إسلامية وغير إنسانية تنتشر بين كثير من البسطاء الذين يتعاملون يومياً مع الحيوانات في حقولنا وشوارعنا، وتعبر عن حزنها لأن النصائح والتوجيهات الدينية لا تؤثر فيهم، وتقول: يبدو أن ظروف هؤلاء القساة الاجتماعية والاقتصادية الصعبة تدفعهم إلى التنفيس عن إحباطهم، مع الحيوانات التي يتكسبون من ورائها؛ مع أن الواجب أن يتعاملوا معها برحمة، فالحمار الذي يجر عربة في الشارع هو مصدر رزق من يضربه ويقسو عليه، ولو كان لدى هذا الإنسان القاسي عقل ووعي لتعامل معه برحمة باعتباره مصدر دخله، لكنها القسوة والحماقة التي تدفع صاحبها إلى الإضرار بنفسه إذا ما تسبب في نفوق هذا الحمار، فضلاً عن أنه يجلب لنفسه غضب الله وعقابه.
من جوانب العظمة
وهنا تطالب د. آمنة بنشر الوعي بين الصغار والكبار بحقوق الحيوان ورحمة الإسلام به، وتقول: لابد أن نوضح للجميع رفض الإسلام لكل سلوك عنيف مع الحيوان الأليف وغير الضار بالإنسان، وأن نعرفهم أن من جوانب عظمة شريعتنا الإسلامية أنها كفلت للحيوان حقوقه كما فعلت مع الإنسان، وحرمت عليه - وهو ذو عقل ووعي - أن يتعامل بعبث وعشوائية مع مخلوقات الله المحيطة به، ولذلك لم تبح شريعتنا إلا قتل الحيوان الضار الذي يشكل خطراً على حياة الإنسان أو كان هذا الحيوان مما أباح الله أكل لحمه والإنسان في حاجة إليه فيذبح ذبحاً شرعياً تستخدم فيه أيضا كل مظاهر الرحمة والشفقة.
وتطالب د. آمنة بنشر ثقافة الرفق بالحيوان واحترام حقوقه ومظاهر رعايته، التي تؤكد عظمة شريعتنا الإسلامية وإنسانيتها وتحضرها، وتقول: الحضارة الإسلامية بعطائها الإنساني في التعامل مع الحيوان، تتفوق على ما قررته الأنظمة الحديثة، حيث وفرت للحيوان رعاية تفوق كثيراً ما تقوم به أو تتطلع إليه جمعيات الرفق بالحيوان في الدول الغربية، فالحيوان في نظر الإسلام لا يجوز إساءة التعامل معه بأي شكل من أشكال الإساءة فهو من مخلوقات الله ويجب التعامل معه برحمة.
0 تعليق
اتبع التعليمات لاضافة تعليق